السبت، 21 نوفمبر 2009

الجنس في الإسلام.. عالم مذهل

يقول الله –سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز:
"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنَّى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقو الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين" سورة البقرة 223.



بدأ الله تعالى بتوضيح من يريد توجيه الحديث إليه، وأراد أن يبين بشكل ليس فيه شك أنه يخاطب الرجال ولذلك بدأ حديثه للرجال قائلاً: "نساؤكم" وفي ذلك أكثر من دلالة:


الدلالة الأولى هي الجنس الموجه له جميع الكلام الذي سيأتي في هذه الآية وهو جنس الرجال..


والدلالة الثانية هي إبراز الانتماء لهذا الجنس "الجنس الذكري" باستعمال الكلمات: "نساؤكم، حرث، لكم" وهو مثل ضرب عصفورين بحجر فهو في المقام الأول مخاطبة لغريزة التملك والشعور بالسمو الذي يثلج صدر الرجال ويرضي غرورهم وفي المقام الثاني تذكير لهم بأن في ذلك مسئولية عن هؤلاء النساء بصفتهن ينتمين للرجال وعلى ذلك يجب المحافظة عليهن كما هي الحال في أي شيء يكون الرجل مسئولاً عنه.


أما الدلالة الثالثة فهو تعظيم لشأن المرأة من خلال بداية الآية بالحديث عنها وبما تحتويه الآية الكريمة من حقوق فسيولوجية ونفسية لها ربما يغفو عنها البعض ويجهل البعض الآخر وضعها في مصافها الصحيح.. كل هذه المعاني العميقة والجميلة تقع في هذه الكلمة الصغيرة.. "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً" سورة الكهف آية1.


أما الكلمة الثانية في هذه الآية المعجزة فهي كلمة "حرث" والغرض من اختيار تلك الكلمة تحديدا في هذا الموقع هو ربط العلاقة الجنسية في هذه المقاطع الخاصة بالرجال وتذكير الرجال بأن هؤلا النساء أو هؤلاء الزوجات هن السبب في وجود الذرية أو ثمار الحرث، والغرض الثاني من اختيار كلمة حرث "أو ربما هو الغرض الأول" هو تحديد مكان القيام بالعلاقة الجنسية وهو مكان الولادة أو إنجاب الحرث وفي هذا تخصيص من ناحية واستبعاد لكل احتمال آخر من ناحية أخرى والمقصود بالاحتمال الآخر هو الإتيان بالمرأة من ناحية والشذوذ الجنسي والأداء الشاذ من ناحية أخرى حيث إنه في غير موضع الحرث أو الإنجاب وتأتي كلمة "لكم" لصيقة بكلمة "حرث" أيضاً لتذكير الرجال أن الأمر يخصهم أولاً وأخيراً وأن ذاك الحرث هو منهم وإليهم مما يثير غريزة التملك في النفس البشرية والتي هي أكثر حدة في الرجل عن المرأة وأيضاً يذكر الرجل أن النساء أهل للمكانة الرفيعة بصفتهن أمهات الأبناء الذين هم قرة الأعين وغاية المنى ومدعاة التباهي والفخر للجنس البشري...


وهنا لا أدع هذه الفرصة قبل أن أهمس في آذانكم أصدقائي الأعزاء فأقول إنكم مهما أطلقتم العنان لتصوراتكم فإنكم لم تكونوا لتستطيعوا تخيل منزلتكم عند آبائكم وأمهاتكم ولا أن تتخيلوا كم الأمل والترقب اللذين يصاحبانهم طوال فترات تربيتهم لكم فيكون ما يصيبكم من نسمة هواء بالنسبة لهم الإعصار وما قد تفعلون من أخطاء بالنسبة لهم هو الفشل المجسد وما تقعون فيه من زلات هو الجحيم بعينه.
وهنا أقول لكم يا أصدقائي الأعزاء إنني لا أحب الكلام التقليدي ولا النصائح المكررة ولكني أقول لكم أشفقوا على آبائكم وأمهاتكم مما تفعلون من حماقات وأنا أعلم أنكم وصلتم إلى نضج كاف تفرقون به بين الخطأ والصواب، واعلموا أنهم الوحيدون -وأكرر الوحيدون- في هذه الدنيا الذين يريدونكم أحسن منهم..
واعلموا أيضاً أن سعيكم لرفع رءوسهم فخراً بكم هو عمل مأجور في الآخرة من رب العالمين ومبارك في الدنيا بدعائهم لكم فاحرصوا عليه واستحضروا نية بر الوالدين.


نستأنف رحلتنا بالمقطع الثاني في الآية الكريمة وهو: "فأتوا حرثكم"..


والدلالة العظيمة هنا ترتقي إلى مستوى الحروف، فحرف "الفاء" في اللغة العربية يفيد السرعة والترتيب ودلالة ذلك هو تفضيل الإسراع بالزواج والتبكير به لما في ذلك من تحصين وعفاف للطرفين، وخاصة للرجال –الذين قصدت إليهم المخاطبة في هذه الآية كما سبق واتفقنا- بحكم أن الرغبة الجنسية لديهم أكثر إلحاحاً وشدة وقد أكد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا المعنى في حديثه الشهير "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج"، أما ما جاء بعد هذا الحرف القيم فهو فعل الأمر "ائتوا" وأكرر هو فعل أمر، وفي هذا معنى جميل ورائع قد يكون أيضاً غائباً عن الأذهان وهذا المعنى هو حفظ شديد، ودفاع صريح عن حق المرأة في علاقتها الحميمة بزوجها، وليس كما يظن بعض الرجال أن هذه المسألة خاضعة لاحتياجاتهم وحدهم أو لأمزجتهم الشخصية أو ظروف حياتهم المختلفة والتي قد تنقص عن مستوى احتياج المرأة لهذه العلاقة، مما يعد تقصيرا في حقها كإنسان له احتياجاته الفطرية وبما أن الله هو فاطر الرجل والمرأة ولأنه يعلم ما تتصف به من حياء قد يمنعها أحياناً من طلب هذه العلاقة أو السعي وراءها فقد حمل -الله سبحانه وتعالى- عنها هذا العبء ووجه هذا الأمر المباشر للزوج لحفظ حقها في الأداء الجنسي الحلال الذي يعصمها من الوقوع في الفتن وشرورها...


وهنا قد يتطرق إلى ذهن قرائي الأحباء أن القاعدة العامة تقول إن رغبة الرجل أكثر وأشد بطبيعة الحال من رغبة المرأة؛ فكيف إذن تكون هناك مشكلة عدم إقبال الرجل على العلاقة مما يتعارض مع حق المرأة واحتياجها؟! وهنا أقول إن ذلك بالقطع صحيح كقاعدة عامة، ولكن لكل قاعدة شواذ ومن هذه الشواذ هي تلك الحالات التي تكون رغبة الرجل في الإقدام على العلاقة محدودة أو أن يكون وقته ليس فيه متسع كاف لإيجاد الوقت اللازم لامرأته "كزوجة" فيه، ولذلك كان هذا الأمر الموجه للرجال حتى ينتفى كون المسألة خاضعة للمتغيرات مثل اتساع الوقت، والحالة المزاجية، أو الأمزجة الشخصية...


وكما كفل الله للرجل حقه في امرأته وأمرها أن تجيب له مأربه فيها وإن كانت على التنور "في الحديث الشريــف" على لســان ســـيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- أيضاً كفل الله -سبحانه وتعالى- نفس الحق بأمر رباني قرآني مباشر للرجل ألا يدعها حتى تطلب هي إليه هذه العلاقة "وإن كان لا شيء في ذلك كما ورد عن السيدة عائشة -رضى الله عنها"؛ لأن بعض النساء قد يمنعهن حياؤهن من ذلك كما سبقت الإشارة.. أما الكلمة التالية في الآية الكريمة فهي "حرثكم" وفيها توكيد بالتكرار عن دلالة إتيان الزوجة لأنها أم للذرية المحببة لدى الرجل والتي تخاطب غريزته كرب أسرة وأب لأولاد "راجع المقال السابق"...


تأتي بعد ذلك كلمة صغيرة في الحجم، عملاقة في المعنى والدلالة، وهي ظرف "بلغة النحو والقواعد اللغوية" ولكنها تتمتع بمعان أكثر عمقاً بكثير مما قد نتخيل هذه الكلمة هي "أنَّى" فهذا الظرف لغوياً يفيد أكثر من معنى:


المعنى الأول: وقتما وفي ذلك حث على تنويع توقيت القيام بالعلاقة الجنسية فللزوجين إقامة العلاقة في أي وقت من أوقات اليوم ماداما ليسا صائمين.. أما الآن في العلوم الجنسية الحديثة وخاصة علم النفس الجنسي فنجد أن العلماء ينادون بهذا التنويع في توقيت أداء العلاقة الجنسية لما في ذلك من مساهمة في كسر الملل الذي أحياناً ما يحيط بالعلاقة الزوجية وخاصة بعد السنوات القلائل الأولى من الزواج.


المعنى الثاني: أينما، أي في أي مكان وفي ذلك حث على تغيير مكان إقامة العلاقة، ومكان العلاقة هنا ليس معناه المنزل أو البلد فقط ولكن أيضاً على حدود أضيق بمعنى تغيير الغرفة أو حتى تغيير مكان الأداء داخل نفس الغرفة وقد أثبت البحث في علم النفس الجنسي أيضاً أن لذلك دخلا كبيرا ومساهمة جيدة في كسر حدة الملل التي تتسرب إلى نفس الزوجين من جراء القيام بالعلاقة دائماً في نفس المكان وبنفس السيناريو مما يقلل من البهجة المصاحبة لها.


المعنى الثالث: كيفما، وهنا يجب أن تكون هناك وقفة وهذه الوقفة هي تلك الدلالة العظيمة لهذا المعنى الكامن والذي يمثل فقط ثلث المعاني المتضمنة في كلمة "أنّى" أتعرفون هذه الدلالة؟! إنها الأوضاع الجنسية تلك الأوضاع التي لم يبدأ الاهتمام بها وبمساهمتها في زيادة المتعة الجنسية وتحقيق التشبع النفسي والعاطفي إلا منذ عقود قليلة، وفتح باب الابتكار فيها حتى وصلت الأوضاع الجنسية المعروفة الآن إلى بضعة مئات وأتحدث بالطبع عن الغرب وعلمائه الذين اهتموا بمسألة الأوضاع الجنسية تلك، ونسبوا إلى أنفسهم ما ليس لهم من فضل في ابتداع هذه المسألة وتأثيرها العظيم في أنفس شركاء العلاقة الجنسية.


للأسباب السابق ذكرها أوليس أولى بنا أن نفخر ونفخر ونفخر بديننا الذي لم يترك تفصيلة -ولو بهذه الدقة- إلا وعرض لها ما يكفيها ويزيد من تفسير وتعريض وتفصيل!!!


وجدير بالذكر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سئل ذات يوم: "أيأتي الرجل امرأته من دبرها؟ فأجاب -صلى الله عليه وسلم- قائلا: "من دبرها في قبلها" والوضع المقصود هنا هو الوضع المسمى حالياً بالوضع الفرنسي فيا للعجب!! حتى نحن -العرب والمسلمين- نسميه بالوضع الفرنسي!! أليس من الأحرى بنا أن ننسب الفضل لأصحاب الفضل؟!


تأتي بعد ذلك كلمة "شئتم" لتصير الجملة: "أنَّى شئتم"


وفي هذا أيضاً دلالة، تلك الدلالة هي أن تبديل وتوفيق كل المتغيرات السابق الإشارة إليها "بلغة الرياضيات" هي حرية بحتة ومكفولة للزوجين وإذا تفكرنا قليلاً في نتائج هذه التباديل وتلك التوافيق لوجدنا أن احتمالات التغيير في طريقة أداء العلاقة هي احتمالات تربو على العشرات وربما المئات مما يتنافى قطعاً مع الشعور بالملل الجنسي، ذلك الملل الذي هو قنبلة موقوتة تهدد الحياة الزوجية أيا كان مقدار الاستقرار فيها فالعلاقة الجنسية هي إكمال واستكمال لنسيج العلاقة الزوجية وهي كالمرآة التي تعكس الحالة المزاجية العامة وأيضاً الحالة المعاملاتية -إذا جاز التعبير- لما يجري بين الزوجين، هي على الجانب الآخر المبعث أو المصدر لحالة الراحة الزوجية والمناخ الصحي وسلام الأنفس وهو ما يزين العلاقة الحياتية بين الزوجين فيربحون من خير الدنيا راحة البال والقدرة على العمل والإنتاج وهدوء النفس ومن خير الآخرة أجر الطائعين العابدين إذا سبقوا نية الطاعة لله -سبحانه وتعالى- والتأسي برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم


لقد انتهينا من الجزء القائل "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" أما الجزء المتبقي لنا فهو "وقدموا لأنفسكم واتقو الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين"..


ولنبدأ بفعل الأمر الثاني في هذه الآية والموجه أيضاً للرجال وهو "وقدموا" ولكن مهلاً فهناك حرف قبل هذا الفعل أيضاً وله دلالة عظيمة أيضاً أتدرون ما هو يا أصدقائي؟ إنه "و".. نعم.. إن حرف الواو هنا ليس مجرد ذلك الحرف الذي نستعمله في الجملة الواحدة أكثر من مرة أو في المحادثة الواحدة أكثر من عشرات أو ربما مئات، إنه هنا لفظ قرآني وكما نعلم أن ليس في القرآن زيادة ولا نقصان، فسبحان منزِّل القرآن أن يزيد أو ينقص منه القرآن ولو في حرف، إذن فوضع هذا الحرف هنا لابد وأن يكون مقصودا..ً نعم إنه بالفعل كذلك إنه حرف الواو يا أصدقائى في اللغة العربية وقواعدها هو حرف عطف يفيد المعية أي أن ما يأتي قبله لا بد أن يأتي مع ما بعده فمثلاً حين أقول "حضرت عبير وأمل" فلا بد أن الاثنتين قد حضرتا لأن حرف الواو جاء بين اسمهما..


إذن وجود هذا الحرف في هذا المكان من الآية تحديداً لا بد أن يثير انتباه القارئ المتدبر للقرآن أن ينتبه لما جاء قبله أي أنها دعوة للتوقف ومناظرة ما جاء قبله، قبل الالتفات إلى ما سيجيء بعده لأن كلا الحديثين لا بد -وأكرر لابد- أن يأتيا معاً.


فلنعرض سريعاً ما جاء قبل الواو: إن الله -سبحانه وتعالى- يوجه حديثه للرجال متحدثاً عن نسائهم ويذكرهم أن هؤلاء النساء هن لهم بحلال الله وهن موضع الإتيان بالولد أو الذرية التي تصبو كل نفس إليها وذكرهم بخصوصية هذا الأمر لهم وأمرهم أمراً مباشراً بالزواج المبكر وحثهم على العلاقة الجنسية بشكل واضح مع كفل حرية المكان والزمان والكيفية في أدائها مما يزيد من مقدار الاستمتاع والإشباع الجنسيين "راجع المقالين السابقين"..


أما وجود حرف "الواو" بعد كل هذا فهو بمثابة دعوة للتوقف والتنبيه وهو أيضاً بمثابة شرط أن ينتبه المتفكر في الإسلام إلى أن كل هذه الحريات قبل الحرف معلقة على ما سيأتي بعده بسبب شرط المعية الذي يتطلب وجــــود حرف الواو فماذا يكون هذا الشرط الذي علق الله -سبحانه وتعالى- عليه كل هذه الحقوق المكفولة للرجل والمرأة فيما يختص بالعلاقة الجنسية والتي أتت قبل "الواو"؟ هذا الأمر هو فعل الأمر الذي أتى بعد الواو وهو "قدموا لأنفسكم"..


وهنا أيضاً يجب تقسيم هذا المقطع إلى قسمين:


القسم الأول: "قدموا" والمقصود هنا مداعبة ما قبل الجماع والملاطفة التي تسبقه أي "الرسول" الذي أمر به سيد الخلق "صلى الله عليه وسلم" في حديثه الشهير: "لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول.. قيل وما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة والكلام" والمقصود هو الكلام المعسول والغزل اللطيف الذي عادة ما يبدأ به الزوج "وأقول عادة وليس دائماً" ربما لشدة حياء الزوجة ولذلك جاء هذا الأمر المباشر للرجال في سياق الحديث الموجه لهم في هذه الآية، هذا الأمر بالتقديم للعلاقة، إذن فما بال الكلمة "لأنفسكم" ؟!


إن هذه الكلمة أيضاً لها دلالتان:- الدلالة الأولى هي المعنى اللغوي المحتمل الأول وهو المعنى الذي يفيد ما سبق من التقديم قبل الإقدام على الفعل وهو يقال بالصيغة اللغوية "التقديم للنفس".


أما الدلالة الثانية، وهي دلالة معجزة في المعنى، والمحتوى العميق، لقد ثبت بالأبحاث العلمية فيما يتعلق برد الفعل النفسي في أثناء الدورة الجنسية أن المرحلة الثانية من الدورة الجنسية -وهي مرحلة الإثارة الجنسية- يرتفع فيها مقدار الإثارة بمقدار الاستعددات السابقة للعلاقة الفعلية أي التقديم للعلاقة حيث إنها مرحلة تحضيرية نفسية وعضوية، مما يتيح تجهيز الغدد الجنسية للأداء المثالي ولترطيب المجرى التناسلي عند الرجل والمرأة كليهما، فتكون العلاقة أكثر سلاسة وأكثر سهولة مما يحسن من النتائج ويزيد من الإشباع النفسي والحسي الناتجين عن العلاقة "راجع الدورة الجنسية".. أي أن الله قد وضع هذا الشرط وهو شرط التقديم لمصلحة كل من المرأة "ليتم تحضيرها نفسياً وعضوياً" والرجل أيضاً "حيث يعود هذا التقديم عليه بالنفع الشديد"..


وهنا أيضا يخاطب الله غريزة حب الذات لدى الرجل الذي يحب نفعه الشخصي أكثر من نفع الآخرين، وهي غريزة متأصلة في الجنس البشري وخاصة الرجال منهم فيكون ذلك لهم بمثابة طمأنينة واستزادة من المتعة وأعود فأقول: سبحان الخالق العظيم فاطر الرجل والأعلم بغرائزه واحتياجاته، وفاطر المرأة والأعلم بطباعها واحتياجاتها فالأيسر لنا إذن أن نطيع الأعلم بنا وبصالحنا وباحتياجاتنا ففي ذلك -قطعاً- صالحنا بل سعادتنا في الدنيا والآخرة.


وفي ذلك لم يكتف رب العالمين بالإشارة إلى ما فيه صالحنا ولكن أراد توكيد ذلك بإعادة تذكير الرجال من خلقه بأن عليهم تنفيذ ما جاء في هذه الآية من أوامر في قوله تعالى: "واتقو الله"، وهو أمر بالتقوى والتذكير بوجوبها في صورة السمع والطاعة، ثم هناك توكيد وتذكير آخران في المقطع التالي من الآية وهو قوله تعالى "واعلموا أنكم ملاقوه" والتذكير هنا هو بلقاء الله سبحانه وتعالى أمام عرشه، وبالتالي سؤاله لعباده عن الأوامر الواردة في مستهل الآية مما يتضمن أيضاً أن الحرية في اتباع هذه الأوامر أو عدمها غير مكفولة لأبناء آدم من الرجال ولكن عليهم الطاعة؛ حيث أمروا أيضاً بتقوى الله وذكروا بلقائه لحسابهم عن هذه الأوامر، وعن طاعتها من عدمها، وفي ذلك حفظ أكبر من السابق لحقوق الزوجة لدى زوجها، ويصل هذا الحفظ إلى أدق التفاصيل وحتى تلك التي تخص علاقتها الجنسية بزوجها فسبحانك يا الله، يا حنان، يا منان، ياعظيم العفو والعلم.


ثم تختتم الآية الكريمة الجميلة بل الرائعة بقوله تعالى "وبشر المؤمنين" يا للعظمة والجمال فها هي البشرى قد جاءت من رب العالمين لمن ينفذ ما جاء في هذا "الكتالوج" الجنسي الرباني وهي بشرى لم تحدد بكونها دنيوية أم أخروية مما يدل على أنها تخص الاثنتين معاً.. الدنيا على المستوى النفسي والجسدي، والآخرة على كون المنفذ مؤمناًَ وطائعاً فهل هناك ما هو أعظم من ذلك؟!


الآن ظهرت الرؤية.. اتبع الأوامر القرآنية بأن تحصن نفسك بالزواج تم تزوج واهتم بزوجتك وحافظ عليها.. انظر بعين الاعتبار إلى أداء العلاقة الجنسية بشكل منتظم دون انقطاع طويل للقيام بذلك على أكمل وجه.. اهتم بالمداعبات والملاطفات الخاصة بمرحلة ما قبل الجماع.. قم بالعلاقة الجنسية وتجنب المحرم منها.. ادع الله أن يأتيك منها بالذرية الحسنة الصالحة.. اعلم أنك مراقب في كل هذه الأحوال من قبل واضع هذه التعليمات "سبحانه وتعالى" فهو السميع البصير وهو اللطيف الخبير... وأبشر إذا قمت بذلك فإن لك من الدنيا سعادتها ومن الآخرة فرحها وبشراها.


أرأيتم يا أصدقائي؟! ألم أخبركم أنها رحلة ممتعة تلك التي غصنا فيها معاً داخل هذه المعانى الجميلة والتي لا يجب أن نتوقف عندها لمجرد اللحظات التي تستغرقها قراءتها ولكن علينا أن نتفكر فيها ونتذوق حلاوة معانيها...

تعاليق :

0 التعليقات على “الجنس في الإسلام.. عالم مذهل”


إرسال تعليق

يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت "