الجمعة، 22 يناير 2010

هنئاً لمن عرف الحب...وتعازينا لمن ضل الطريق‎



نظرًا للصداقة القديمة التي كانت تربطنا، قررت قبول الدعوة التي وجهها لي صديقي للغذاء في مطعم الجامعة.
طاولة واحدة كانت تجمعنا فبدأ حديثه قائلاً: هناك دائمًا مرة أولى لارتكاب أي حماقة .
وحبي يا سيدي كان هو حماقتي الأولى في هذا المجال !
بهذا الاعتراف بدأ الصديق حديثه معي،يا سيدي بالرغم من ضرورة أن نتعلم من أخطاء الآخرين، فالحب من نوع الأخطاء التي يجب أن تذوق مرارة ندمها بنفسك، ومهما أخبرك الآخرون عن خطورته فالغرور يجعل كل واحد منا يظن أنه سيكون الاستثناء الذي سيخرج على القاعدة!!.
عندما قررت ان اعترف بالحب كنت أرى حبيبتي أرق من نسيم الصباح ، ألمح في عينيها شحنة أمل تكفي لإعمار الأرض بأكملها، حينما كانت تبتسم تخرج الطيور من أعشاشها ظانة أن الشمس قد أشرقت وأن موعد الغناء قد حان .
لم يتبق إلا أياماً معدودات كما تعلم وأذهب لأطلب يدها من أبيها بعد عامين ونصف من الإنتظار، لكني أشعر بأني ربما أكون قد أخطأت الاختيار، كل يوم أرى اختلافات كثيرة بيني وبين الفتاة التي اخترتها ، هي صالحة وعاقلة وبها مميزات كثيرة،وهذا ما يجذبني إليها، لكننا نختلف في أشياء عدة، وكلما حاولنا أن نتنازل قليلا لنقترب من بعضنا البعض، ما يلبث أن يطل سوء الفهم برأسه مرة أخرى فنختلف ونتخاصم ..! .
ولا أدري ما الذي حدث لم تعد هي هي ، وأنا ـ كما أخبرتْنِي ـ لم أعد أنا !! .
نظرت إليه وقلت يا سيدي يا صاحبي إنها على ما أعتقد .. لعنة الحرام.. يا صديقي الحب الذي يبنى على رابط غير شرعي لا يمكن له ان يدوم..
فكل البشر وقعوا في شباك الحب، كلهم شعروا بتلك الارتعاشة التي تصيب الفؤاد فتزلزل وجدانه ، جميعهم توقفوا للحظات ليجيبوا داعي الحب ويرحبوا بمقدمه .
من هنا فإنني أؤكد أن وقوعنا في الحب ليس بالشيء الذي يجب أن نحتفي وننتعش به .
ولكــن ..
أن نحتفظ بالحب ..فهذا هو التحدي ! !.
أن نعرف كيف نحافظ عليه من شِراك الأيام ، وتقلبات الليالي ، وخبايا الدهر .. هذا هو الأهم .
فالحب يا أصدقائي ليس بالشيء الذي يرتوي ويشب على ما يجده من خشاش الأرض، بل بما نمنحه إياه من مشاعرنا واهتمامنا والتزامنا العاطفي .
الحب بحاجة إلى مهارة تمكننا من الحفاظ عليه دائمًا حيًا .. نقيًا .. نضرًا .
هذه المهارة تنبع من قيمنا التي نتبناها، والمبادئ التي تحركنا .
مهارة تتمركز حول مفاهيم ( احترام الآخر وتقديره، تقبله في جميع أحواله، مسامحته حال الخطأ والزلل) .
إننا قد نقع في الحب وننتشي به لكننا ـ للأسف! ـ لا نتقن سُبل الحفاظ عليه فيخبو بريقه، وتذبل أطرافه، وتبرد حرارته، ونجد أنفسنا وقد مللنا مما كان يؤنسنا ويحيينا ..!
إن من يحب ينبغي أن يتفهم من يحبه، ويتقبله كما هو، إننا لسنا بالكمال الذي نظنه، ولا يجب أن نفترض كذلك المثالية في الطرف الآخر،عندما نتحاور مؤمنين بقوة اختلافنا، نرسل رسالة إلى الطرف الآخر مفادها أننا نحبه ونحترمه، بينما ضجرنا من أي نقاش وخلاف، ومحاولة إنهائه قبل أن يبدأ هو في الحقيقة إشارة إلى تعصبنا وتعنتنا الفكري .
فلا تحزن يا صديقي عندما تصطدم باختلاف فكري أو نفسي ..
وحاول أن تفتح عقلك أكثر .. فأكثر ..
إن قطار الحب لا يتسع إلا لمن مهد بيديه الطريق، وهيأ القضبان، ودفع ثمن الرحلة من عرقه وجهده..
وعلى كل من يريد أن يقطع الرحلة بدون جهد وتعب أن يمتطي دابة أخرى، من ظن أن الحب يتأتى بلا ثمن فهو مخدوع،ومن قال أن رحلة الحب مجانية فهو أحمق مفتون!
لا حب بلا ثمن،ولا سعادة بلا عطاء، ولا راحة بلا جهد.
وأننا لا نشعر بهذه السعادة إلا في حالة تطلعنا إلى سعادة شخص آخر ، وقارنا بين ظروفه وظروفنا ، بالرغم من اختلافنا .. وتضادنا في بعض الأحيان .
لا نشعر بالسعادة حينما نخطئ البوابة المخصصة لنا ونحاول الدخول من أخرى لم تناسبنا .
على الأرض ـ لا على المريخ ـ يمكننا أن نستمتع بالحياة ، ونتوافق معها ، ونتعايش مع معطياتها ، بلا تصادم أو عصبية ، نعطي للهموم قدرها ، وللمشكلات نصيبها ، وللآلام حظها ، لكن لا ننسى أبدا أن نستمتع بها ، ونرى الجانب المشرق فيها..
مهما كانت ظروفك ، مهما كان عملك .. أنت قادر على أن تحيا سعيدا لو أردت !
أعود ثانية للقول بأن الحب يحتاج إلى صانع حاذق، و إلى مهارة وحرفة ..يحتاج أن نؤمن بأهميته، وأهمية أن نتعب ـ كثيرًا ـ من أجل الحفاظ عليه بما يرضي الله عز وجل..!

تعاليق :

0 التعليقات على “هنئاً لمن عرف الحب...وتعازينا لمن ضل الطريق‎”


إرسال تعليق

يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت "